الجمعة، 13 يونيو 2008
معجم لسان العرب لابن منظور
*عبدالله بن حمد الحقيل - عُرف هذا المعجم في الأوساط العلمية واللغوية والأدبية، وهو أكبر معجم لغوي، بل هو دائرة معارف، ولقد ألفه عالم لغوي جليل (630-781هـ) هو العلامة جمال الدين محمد بن منظور، من رجال القرن السابع، وقد قدم للغة الضاد خدمة جليلة بهذا الكتاب، وسهل على طلاب العلم ورواد اللغة والأدب وسائل وطريقة الاستفادة من هذا المعجم الكبير، الذي سيبقى مصدراً ومرجعاً للأجيال على توالي الأيام والسنين. ولا ريب أن هذا المعجم من أكبر المعاجم اللغوية التي ظهرت إلى حيز الوجود، كما لا ننسى فضل جهابذة العلماء الآخرين الذين صنفوا الكتب اللغوية المماثلة: كالقاموس المحيط والوسيط للعلامة مجد الدين الفيروزأبادي، أحد أعلام القرنين الثامن والتاسع وغيره من علماء اللغة، ونعود إلى لسان العرب لابن منظور، الذي يحتوي على عشرين مجلداً، وقد رتبه ترتيباً حسناً، ويشتمل على ثمانين ألف مادة من كلام العرب، واشتمل على طائفة من المعارف، والبحوث في النحو والصرف، وأمثال العرب، وغير ذلك من المعارف والفوائد التي قلما نجدها في المعاجم الأخرى، حيث صنفه مؤلفه على قواعد راسخة وأسس فنية مستدلاً بالأمثلة، ومدعماً ما أورده في معجمه بما قال به السابقون من العلماء؛ كالأصمعي والخليل والأزهري وأبي عبيدة معمر بن المثنى وأحمد بن فارس والجوهري وابن سيده وغيرهم من أئمة وعلماء اللغة وعلماء النحو الذين دونوا لغة الضاد، وحرصوا على حراستها والعناية بها في مؤلفاتهم ومصنفاتهم، وما زال القاموس وغيره من المعاجم التي ألفها أسلافنا - رحمهم الله - يتداولها العلماء والأدباء في جميع مراكز البحث والجامعات والمكتبات، ومن معين لسان العرب وغيره من المعاجم نستقي الفوائد والمعارف اللغوية، وكل ما يتعلق باللغة العربية وآدابها. ولقد اعتمد ابن منظور في لسان العرب على عدة كتب منها: تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري، وتاج اللغة وصحاح العربية للجوهري، والمحكم والمحيط لابن سيده، وقد كانت طباعته الأولى ببولاق في القاهرة سنة 1300هـ في عشرين مجلداً ثم طبع في بيروت، وأعيد ترتيبه، وسمي (لسان العرب المحيط). ولقد حفظ الله هذا الكتاب وغيره من الكتب اللغوية، ورغم ما أصاب المكتبات العربية من نهب وضياع واحتراق فقد بقيت محفوظة - بفضل الله وعنايته - فلم تعبث بها أيدي الحدثان، كما هو بالنسبة لآلاف الكتب في الأندلس وبغداد ودمشق والكوفة والبصرة، حيث عبث بها العابثون وأحرقها الحاقدون على لغة القرآن، ومجمع القول فإن لسان العرب معين لا ينضب ومورد ثر يستقي العلماء والأدباء واللغويون من مائه النمير، حيث جمع شتات لغة الضاد وأودعها مؤلفه - رحمه الله - في كتابه (لسان العرب) الجامع الشامل، والمرجع اللغوي بين أيدي العلماء ما توالى الجديدان، رحم الله ابن منظور وغيره من العلماء الأفذاذ الذين أحسنوا التصنيف وبقيت كتبهم يتداولها العلماء لما تحفل به من فوائد وما تضمه بين ثناياها من معارف في شتى العلوم وضروب الآداب وميادين الفكر.. وبالله التوفيق.
كتاب «لمع الأدلة»«ابن الأنباري».
مؤلف كتاب «لمع الأدلة» هو العلامة الزاهد الورع «ابن الأنباري». أبو البركات عبدالرحمن كمال الدين بن محمد الأنباري المولود في «الأنبار» سنة «513» هجرية، وهي بلدة على الضفة الشرقية للفرات، على بعد قرابة خمسة وستين كيلو متراً غربي بغداد، والتاريخ يعرفها أنها أول عاصمة لدولة بني العباس، فقد اتخذها أول خلفائهم «أبو العباس السفاح» مقراً له بعد «الحيرة» وبقيت كذلك أيام «المنصور» حتى بنى «بغداد» فانتقل إليها.
غادر «ابن الأنباري» بلده وهو صبي إلى بغداد طلباً للعلم، ثم انتظم في مدرستها المشهورة «النظامية» ولزم أئمة العلوم فيها، ثم انصرف بعد تخرجه وبعد روايته الكثير من كتب الأدب، إلى التعليم والتأليف، وقد أصدر كتابه المهم «الإنصاف في مسائل الخلاف».
والظاهر أن مزاج الشيخ «ابن الأنباري» لم يستطع الصبر طويلاً على قيد الوظيفة فآثر الحرية، وانقطع في منزله منفقاً وقته في القراءة والتأليف والعبادة، وانتشرت مؤلفاته، وكثر قصد الطلاب والعلماء منزله للاستفادة، راحلين من شتى الأقطار.
وقد آثر الشيخ الاعتزال في بيته. في «الخاتونية» شرقي «بغداد» فلا يخرج إلا يوم الجمعة، وقد ذكر المحققون أن له مئة وثلاثين مصنفاً في اللغة والأصول والزهد، وأكثرها في فنون العربية ومنها: أسرار العربية، أصول الفصول في التصوف، الأضداد، حواشي الإيضاح، ديوان اللغة، شرح الحماسة، ديوان المتنبي، شرح السبع الطوال، وظل هكذا في حياته، بين التأليف والقراءة والعبادة، إلى أن توفي سنة «577» هجرية.
يعد عصر «ابن الأنباري» المئة السادسة للهجرة، الذروة في ازدهار العلوم والآداب، والتفنن في تدريسها والتأليف فيها، بحيث لا يرى في العصور التي تلته ـ على غزارة التأليف والمؤلفين ـ إبداعاً يذكر أو عبقرية تلفت النظر إليها، وهكذا اعتبر الباحثون أن المئة السابعة للهجرة، بدء عصر الانحطاط.
وقد تفرد «ابن الأنباري» في فن التأليف، حتى ليستأثر بطابع خاص بين هذه الكثرة من المؤلفين في علوم العربية، ولعله أول العلماء الذين درس فن أصول النحو على نسق فن أصول الفقه، بحيث يبين بالأدلة والحجج ما يقوله، إضافة إلى أنه أدّب النحو، وأضفى على أسلوب عرضه من المائية والتندية ما حببه إلى المطالع، فأبعد عنه السأم.
وليس بقليل أن تعرض ما يشبه الأرقام والقضايا المنطقية عرضاً جذاباً.
وبذلك قدم لنا شيئاً متميزاً، حتى أنه لم يؤلف في موضوع مطروق، وإذا عرض للمسائل المطروقة، ابتكر لها تنسيقاً جديداً ونظرة عميقة شاكلة، ثم وضع تصميم البناء الذي تخيله، ثم حببه في قالب بديع لا نجد له نظير.
أما كتابه «لمع الأدلة» فهو كتاب في أدلة النحو والأصول التي تنوعت عنها، وقد قسمه المؤلف إلى ثلاثين فصلاً، كان الفصل الأول في معنى «أصول النحو وفائدته» حيث يقول: أصول النحو أدلة النحو التي تفرعت منها فروعه وأصوله، كما أن أصول أدلة الفقه التي تنوعت عنها جملته وتفصيله».
وكان فصله الأخير في الاستدلال.وقد قسم الباحث أدلة النحو إلى ثلاثة: نقل وقياس واستصحاب حال، ثم فصل في كل منها، فالنقل هو الكلام العربي الفصيح المنقول بالنقل الصحيح، الخارج عن حد القلة إلى حد الكثرة، فخرج عنه إذا ما جاء في كلام غير العرب.
والنقل ينقسم إلى قسمين: تواتر وآحاد، فأما التواتر فلغة القرآن الكريم وما تواتر من السنة وكلام العرب، وهذا القسم دليل قطعي من أدلة النحو يفيد العلم.
ثم يبحث في شروط النقل، فجاء في الفصل الخامس في شروط نقل المتواتر، فيقول: واعلم أن أكثر العلماء ذهبوا إلى أن شرط التواتر أن يبلغ عدد النقلة إلى حد لا يجوز فيه على مثلهم الاتفاق على الكذب، كنقلة لغة القرآن الكريم وما تواتر من السنة وكلام العرب، فإنهم انتهوا إلى حد يستحيل على مثلهم فيه الاتفاق على الكذب، وذهب قوم إلى أن شرطه أن يبلغوا سبعين..».
ثم يبحث في شرط نقل الآحاد، الذي يجب أن يكون عدلاً، رجلاً كان أو امرأة، حراً كان أم عبداً...
ومن الفصول المهمة، الفصل العاشر وهو في القياس، حيث هو في عرف العلماء عبارة عن تقدير الفرع بحكم الأصل، وهو حمل فرع على أصل بعَلة وإجراء حكم الأصل على الفرع. ولابد لكل قياس من أربعة أشياء: أصل وفرع وعلة وحكم، وذلك مثل أن تركب قياساً في الدلالة على رفع ما لم يسم فاعله، فتقول: اسم أسند الفعل إليه مقدماً عليه فوجب أن يكون مرفوعاً قياساً على الفاعل...».
وهكذا يكون النحو قد درس بطريقة جديدة مبنية على العلة والسبب.
دراسة أدبية لرسالة: عبد الحميد الكاتب إلى الكُتَّاب
النـص:
"أما بعد، حفظكم الله يا أهل صناعة الكتابة، وحاطكم ووفقكم وأرشدكم! فجعلكم معشر الكتاب - في أشرف الجهات - أهْلَ الأدب، والمروءةِ والعلمِ، والرواية.
فتنافسوا يا معشر الكُتَّاب في صُنوف الآداب، وتفقَّهوا في الدين، وابدؤوا بعلم كتاب الله عز وجل والفرائِض ثم العربية فإنها ثِقاف[1][1] ألسنتكم، ثم أجيدوا الخط فإنه حِلْيةُ كُتبكم، وارووا الأشعار، واعرفوا غريبَها ومعانِيَها، وأيامَ العرب والعجم، وأحاديثَها وسِيَرَها فإن ذلك مُعينٌ لكم على ما تسموا إليه هِمَمُكم، ولا تُضَيِّعوا النظرَ في الحساب، فإنه قِوَامُ[2][2] كُتّاب الخراج. وارغبوا بأنفسكم عن المطامع سَنيها[3][3] وَدَنيَّها، وسَفْسَافِ[4][4] الأمور ومحاقِرِها، فإنها مَذَلّة للرقاب مَفْسَدَة للكُتَّاب، ونزهوا صناعتكم عن الدناءات، واربؤوا بأنفسكم[5][5] عن السِّعاية والنميمة وما فيه أهل الجهالات، وإياكم والكِبْرَ والصَّلفَ[6][6] والعَظَمَةَ، فإنها عداوة مجتلَبَةٌ من غير إِحْنَة[7][7]، وتحابُّوا في الله عز وجل في صناعتِكم، وتواصوا عليها بالذي هو أليقُ بأهل الفضل والعدلِ والنُّبْل من سلَفِكم.
تولانا الله وإياكم يا معشرَ الطلبةِ والكتبةِ بما يتولى به مَنْ سبقَ علمهُ بإسعادِه وإرشاده، فإن ذلك إليه وبيده، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[8][8]".
1- صاحب النـص:
هو عبد الحميد بن يحيى بن سعد العامري بالولاء، من أشهر الكتاب في آخر العصر الأموي؛ فقد طور الرسائل بكثرة التحميدات في صدر الرسالة، وبالتوسع في المعاني، والعناية بترتيبها ووضوحها. اشتغل في دواوين الخلفاء حتى أصبح المقدم عند مروان بن محمد، ولما قوي أمر العباسيين هرب مع مروان إلى مصر حيث قتل في بوصير سنة 132 هـ.
2- تقسيم النـص:
(أ) مقدمة: تبدأ بـ(أما بعد) وتنتهي بـ(والرواية) وتشتمل على الدعوة بالتوفيق للكتاب وبيان منزلتهم.
(ب) عُدَّة الكاتب: وهي إرشادات ونصائح وتعاليم للكتاب، وهي لب الرسالة وصميمها وتبدأ بقوله: (فتنافسوا يا معشر الكتاب) وتنتهي بـ(والنبل من سلفكم).
(ج) خاتمة: تبدأ بقوله (تولانا الله) وتنتهي بـ(والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وهي دعاء للكتاب برعاية الله لهم. ثم سلام يشعر بانتهاء الرسالة.
3- دراسة الأفكـار:
لم يعرف الكُتَّاب رسالة نهجت نهج رسالة عبد الحميد في أفكارها بحيث وجهها إلى فئة من الناس هم الكتاب، وعلى هذا فإن الفكرة جديدة، وإن كانت النصائح الموجودة تصلح للكتاب وغيرهم إلا ما قل من تلك الإِرشادات.
والأفكار تشتمل على صدق صاحبها وإخلاصه فيما يقول، والدليل على ذلك أن هذه الأفكار عندما تطبق على الواقع تكون حقائق ملموسة، لأفكار عبد الحميد إذن أفكار متطورة تسابق الزمن الذي قيلت فيه، فالكتاب تسابقوا إلى حفظها، بل إنها أثرت في كثير من الناس فأخذوا يكتبونها ويتدارسونها. وأما تنظيم الأفكار وترتيبها فهو أمر ملموس؛ فالرسالة تتكون من ثلاثة أجزاء:
1- مقدمة. 2- عرض. 3- خاتمة.
والعرض وهو لب الرسالة تدرجت فيه الأفكار تدرجاً ينقل الفائدة إلى القارئ والمستمع بسهولة، فالكاتب أمر الكتاب بالتفقه في الدين والنظر في كتاب الله ثم إتقان اللغة العربية، وانتقل بعد ذلك إلى إجادة الخط، وبعد ذلك أمرهم بالاطلاع على التاريخ والأيام والاستفادة من الشعر، ولفت الكتاب إلى تعلم الحساب. هذا القسم هو الفكرة الرئيسة التي تُعدُّ الكاتب للكتابة، ثم خصص القسم الثاني من العرض للنصائح حيث أرشد الكتاب إلى الصفات السامية والصفات الدنيئة، فأمرهم بالتحلي بالصفات السامية والابتعاد عن الصفات الدنيئة. ومن خلال هذا العرض لأفكار الكاتب يتضح لنا أنها أفكار تشملها وحدة تامة تربط جميع أجزائها في إطار واحد، وهي بعد ذلك أفكار واضحة بعيدة عن اللبس والغموض.
4- دراسة الأسـلوب:
أسلوب عبد الحميد في رسالته أسلوب متطور حسن الصياغة؛ فألفاظه خالية من الغريب، وأما شرحنا لبعض الكلمات فمن باب تقريبها للمبتدئ. وتراكيب الرسالة متماسكة الألفاظ متآلفة فيما بينها، ليس فيها تعقيد يمنع من فهم المعنى، وهي خالية من الحشو والابتذال، ويظهر في أسلوب الكاتب الترادف، فهو يجمع عدداً من الكلمات لمعان متقاربة مثل: (وحاطكم ووفقكم وأرشدكم) وقوله: (أهل الأدب والمروءة والعلم) والترادف ناتج عن تطويل الرسائل، فالترادف في الأسلوب وتفتيق المعاني في الأفكار يرجعان إلى طول الرسالة.
وظاهرة أخرى في أسلوب هذه الرسالة وهي كثرة استخدام حروف العطف، وهذا الأمر وإن لم يكن مستحسناً إلا أن حاجة الأفكار إلى هذه الحروف جعلتها مقبولة. وقد استخدم الكاتب السجع كقوله: (فتنافسوا يا معشر الكتاب في صنوف الآداب) وقوله: (فإنها مذلة للرقاب مفسدة للكتاب) ولكن الكاتب لم يكثر منه فجاء مناسباً وخفيفاً على السمع، ومما نلاحظه في الأسلوب تنويع العبارة ما بين دعاء وأمر وتحذير.
وقد أحسن الكاتب عرض أسلوبه فبدأ المقدمة بـ(أما بعد) وضمنها الدعاء، وعندما انتقل إلى العرض غير أسلوبه من الدعاء إلى الأمر حيث بدأ بقوله (فتنافسوا) ثم عاد إلى الدعاء في الخاتمة حيث قال: (تولانا الله إياكم) وكما أنه أحسن الابتداء فقد وفق في ختم رسالته حيث ختمها بالدعاء والسلام.
ويتضح لنا من خلال هذه الدراسة لأسلوب عبد الحميد الكاتب أنه طور أسلوب الرسالة وجعله يتقدم إلى الأمام، ولا نغالي إذا قلنا إن نهضة التأليف في العصر العباسي استفادت كثيراً من أسلوب عبد الحميد.
كتاب سيبويه
من الثابت حتى اليوم أن كتاب سيبويه هو أوكتا كتاب نحوي وصل إلينا، واللافت فيه جمعه عدداً من علوم العربية فيه كالنحو والصرف، والأصوات اللغوية، وغيرها، والظن الغالب أن المؤلف اعتمد في كتابه على مصادر سبقته، إذ من المستبعد أن يظهر كتاب ضخم ككتاب سيبويه دفعة واحدة دون أن يكون قد سبقه كتب أخرى أقلّ منه حجماً، أو موضوعات، أو أبواباً، أو تفصيلاً، أو غير ذلك. فالكتاب فيه نقل عن علماء كثيرين، منهم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي حفل به الكتاب بأقواله وآرائه. وقد اتسم بما يلي:
الاستشهاد بالقرآن الكريم، عدم الاستشهاد بالحديث النبوي الشريف إلا قليلاً، الاستشهاد بأشعار شعراء عصر الاحتجاج، وهي نحو ألف شاهد، الاستشهاد بأمثال العرب، وكلام العرب العظماء، إيجاز العبارة وغموضها، بحيث يحتاج القارئ، في أحيان كثيرة، إلى أن يقف عندها طويلاً ليعرف المعنى الذي يريده سيبويه، افتقاره إلى الترتيب المنظم في الأبواب، عرض القاعدة وأمثلتها، ممزوجة بالتعليلات، وبيان وجه القياس مع عرض الآراء المختلفة في موضوع بحثه، وتفضيل بعضها على بعض، وافتراض فروض يضع لها أحكامها في بعض الأحيان، طول عناوين الأبواب. الكتاب : كتاب سيبويهالمؤلف : أبو البشر عمرو بن عثمان بن قنبر سيبويهسنة الولادة / سنة الوفاة 180 هـتحقيق عبد السلام محمد هاروندار النشر : دار الجيل ـ بيروتعدد الأجزاء 4
الاستشهاد بالقرآن الكريم، عدم الاستشهاد بالحديث النبوي الشريف إلا قليلاً، الاستشهاد بأشعار شعراء عصر الاحتجاج، وهي نحو ألف شاهد، الاستشهاد بأمثال العرب، وكلام العرب العظماء، إيجاز العبارة وغموضها، بحيث يحتاج القارئ، في أحيان كثيرة، إلى أن يقف عندها طويلاً ليعرف المعنى الذي يريده سيبويه، افتقاره إلى الترتيب المنظم في الأبواب، عرض القاعدة وأمثلتها، ممزوجة بالتعليلات، وبيان وجه القياس مع عرض الآراء المختلفة في موضوع بحثه، وتفضيل بعضها على بعض، وافتراض فروض يضع لها أحكامها في بعض الأحيان، طول عناوين الأبواب. الكتاب : كتاب سيبويهالمؤلف : أبو البشر عمرو بن عثمان بن قنبر سيبويهسنة الولادة / سنة الوفاة 180 هـتحقيق عبد السلام محمد هاروندار النشر : دار الجيل ـ بيروتعدد الأجزاء 4
كتاب العين
المؤلف
الخليل ابن أحمد الفراهيدي
نبذه عن الكتاب
معجم "العين" للخليل بن أحمد الفراهيدي هو أول معجم عربي يؤلف في اللغة العربية، وإن أية مجاميع لغوية موحدة الموضوع سبقت الخليل ليست بمعاجم لأن معجم العين قد بني على خطة ثابتة نجدها في هيكل الكتاب وتقسيماته كما أرتاها الخليل، ولذلك فإن تخطيط شكل المعجم العربي الأول والمعلومات التي نشرت فيه مسألة محسوبة ومناورة علمية مقصودة لذاتها. وأن هذا المعجم بني في مضامينه على أن يكون دائرة معارف للغة العرب، ولهذا فقد تضمن شواهد القرآن والحديث والشعر والمثل، كما أن المعجم لم يؤلف لغرض تسجيل لغة البداوة ولكنه ألف ليسجل التطور الحاصل في اللغة بالاختلاط الاجتماعي وتبدل البيئة وظهور المستجدات التي اقتضت ظهور ألفاظ جديدة بالاشتقاق أو الافتراض ولذلك فإنه قد اهتم بلغة الأمصار والعامة. ولم يترك اللغة اليدوية سائبة غير منسوبة فإن بعض الألفاظ كانت ألفاظاً لهجية خاصة بقبيلة ما فراعى الخليل ذلك وسجل هذه الألفاظ التي كانت نواة في كل معاجم التي ظهرت بعده وساعدت أهل التفسير على الانتباه إلى ذلك في النص القرآني إضافة إلى ملاحظة القراءات المختلفة لبعض الآيات كما وردت في مصاحف الصحابة وفي الرواية. وبالعودة لمضمون هذا المعجم نجد أنه قد جاء حافلاً بالمعلومات الصوتية والصرفية والنحوية والتأصيلية: أصالة ودخيلاً ومعرباً، واللهجات واللغات والسماع والقياس والفروقات اللغوية بين المدن والأمصار والأقطار... إلى جانب ثروته الاستشهادية نثراً وشعراً، حديثاً وقرآناً، أمثالاً وحكماً... ويتميز هذا المعجم بطريقة بنائه على مخارج الحروف. وقد شكلت هذه الطريقة صعوبة أمام استعمال هذا المعجم وبخاصة في العصور الحديثة، وحالت دون الإفادة منه إفادة عامة
كتاب الخصائص

المؤلف
ابن جني
اللغة
العربية
الناشر
عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزي
الإصدار
2006
نوع الطباعة
تجليد فني فاخر مذهب
عدد الصفحات
928
القياس
18cm x 25cm
كتاب الخصائص هو أحد أشهر الكتب التي كتبت في فقه اللغة وفلسفتها، وأسرار العربية ووقائعها، قام بتأليفه ابن جني، الذي يقول في مقدمة كتابه عنه: «كتاب لم أزل على فارط الحال، وتقادم الوقت، ملاحظا له، عاكف الفكر عليه، منجذب الرأي والروية إليه وأدا أن أجد مهملا أقيله به، أو خللا أرتقه بعمله، والوقت يزداد بنواديه ضيقا، ولا ينهج إلى الابتداء طريقا، هذا مع إعظامي له، وإعصامي بالأسباب المناطة به، واعتقادي فيه أنه من أشرف ما صنف في علم العرب، وأذهبه في طريق القياس والنظر .. وأجمعه للأدلة على ما أودعته هذه اللغة الشريفة ...».
يناقش ابن جني في هذا الكتاب بنية اللغة وفقهها وأصوله، ويبدأ الكتاب بباب في مناقشة إلهامية اللغة واصطلاحيتها، وعرض لقضايا من أصول اللغة: كالقياس، والاستحسان، والعلل، والحقيقة والمجاز، والتقديم والتأخير، والأصول والفروع، واختتم بحديث عن أغلاط العرب، وسقطات العلماء. فتح ابن جني بهذا الكتاب في اللغة العربية أبوابا جديدة لدراستها.
أهدي هذا الكتاب للسلطان بهاء الدولة البويهي وتمت طباعته لأول مرة في مصر في عام 1913 م إلا أن الكتاب وقتها لم ينشر كاملا. بعدها طبع الكتاب كاملا محققا على يد محمد علي النجار عام 1955.
كتاب الحيوان للجاحظ
تحدَّث الجاحظ في كتاب "الحيوان" عن العرب والأعراب، وأحوالهم وعاداتهم ومزاعمهم وعلومهم.. كما فصَّل بعض مسائل الفقه والدين، كذلك يحتوي على صفوةٍ مختارةٍ من حُرِّ الشعر العربي ونادِره. وإن أردتَ الأمثال، فهو قد جمع لكَ منها القدر الكبير. أو أحببتَ الحديث في البيان، ونقد الكلام، والشعر وجدتَ ما ترتاحُ إليه نفسكَ وتطمئِن.
يعد كتاب الحيوان -وهو من مؤلفات الجاحظ الأخيرة أيضا- أول كتاب وضع في العربية جامع في علم الحيوان.. لأن من كتبوا قبل الجاحظ في هذا المجال أمثال الأصمعي وأبي عبيدة وابن الكلبي وابن الأعرابي والسجستاني وغيرهم.. كانوا يتناولون حيوانًا واحدًا مثل الإبل أو النحل أو الطير.. وكان اهتمامهم الأول والأخير بالناحية اللغوية وليس العلمية.. ولكن الجاحظ اهتم إلى جانب اللغة والشعر بالبحث في طبائع الحيوان وغرائزه وأحواله وعاداته.
ولأن الجاحظ كان غزير العلم.. مستوعبًا لثقافات عصره.. فقد كانت مراجعه في كتبه تمتد لتشمل القرآن الكريم والحديث النبوي والتوراة والإنجيل وأقوال الحكماء والشعراء وعلوم اليونان وأدب فارس وحكمة الهند بالإضافة إلى تجاربه العلمية ومشاهداته وملاحظاته الخاصة.
وقد كان للجاحظ أسلوب فريد يشبه قصص ألف ليلة وليلة المتداخلة… إذ أن شهرزاد تحكي لشهريار قصة… ثم يحكي أحد أبطال هذه القصة قصة فرعية.. وتتخلل القصة الفرعية قصة ثالثة ورابعة أحيانًا..ثم نعود للقصة الأساسية.. فالجاحظ يتناول موضوعًا ثم يتركه ليتناول غيره.. ثم يعود للموضوع الأول.. وقد يتركه ثانية قبل أن يستوفيه عليه عنوان الكتاب.. بل تناول بعض المعارف الطبيعية والفلسفية.. وتحدث في سياسة الأفراد والأمم.. والنزاع بين أهل الكلام وغيرهم من الطوائف الدينية.. كما تحدث في كتاب الحيوان عن موضوعات تتعلق بالجغرافيا والطب وعادات الأعراب وبعض مسائل الفقه … هذا عدا ما وينتقل إلى موضوع جديد… وهكذا.
فكتابه "الحيوان" مثلاً لم يقتصر فيه على الموضوع الذي يدل امتلأ به الكتاب من شعر وفكاهة تصل إلى حد المجون بل والفحش.
يعد كتاب الحيوان -وهو من مؤلفات الجاحظ الأخيرة أيضا- أول كتاب وضع في العربية جامع في علم الحيوان.. لأن من كتبوا قبل الجاحظ في هذا المجال أمثال الأصمعي وأبي عبيدة وابن الكلبي وابن الأعرابي والسجستاني وغيرهم.. كانوا يتناولون حيوانًا واحدًا مثل الإبل أو النحل أو الطير.. وكان اهتمامهم الأول والأخير بالناحية اللغوية وليس العلمية.. ولكن الجاحظ اهتم إلى جانب اللغة والشعر بالبحث في طبائع الحيوان وغرائزه وأحواله وعاداته.
ولأن الجاحظ كان غزير العلم.. مستوعبًا لثقافات عصره.. فقد كانت مراجعه في كتبه تمتد لتشمل القرآن الكريم والحديث النبوي والتوراة والإنجيل وأقوال الحكماء والشعراء وعلوم اليونان وأدب فارس وحكمة الهند بالإضافة إلى تجاربه العلمية ومشاهداته وملاحظاته الخاصة.
وقد كان للجاحظ أسلوب فريد يشبه قصص ألف ليلة وليلة المتداخلة… إذ أن شهرزاد تحكي لشهريار قصة… ثم يحكي أحد أبطال هذه القصة قصة فرعية.. وتتخلل القصة الفرعية قصة ثالثة ورابعة أحيانًا..ثم نعود للقصة الأساسية.. فالجاحظ يتناول موضوعًا ثم يتركه ليتناول غيره.. ثم يعود للموضوع الأول.. وقد يتركه ثانية قبل أن يستوفيه عليه عنوان الكتاب.. بل تناول بعض المعارف الطبيعية والفلسفية.. وتحدث في سياسة الأفراد والأمم.. والنزاع بين أهل الكلام وغيرهم من الطوائف الدينية.. كما تحدث في كتاب الحيوان عن موضوعات تتعلق بالجغرافيا والطب وعادات الأعراب وبعض مسائل الفقه … هذا عدا ما وينتقل إلى موضوع جديد… وهكذا.
فكتابه "الحيوان" مثلاً لم يقتصر فيه على الموضوع الذي يدل امتلأ به الكتاب من شعر وفكاهة تصل إلى حد المجون بل والفحش.
الأصفهاني.. مؤلف الأغاني
لم ينل كتاب في الأدب العربي شهرة كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني، وهو منذ أن ظهر من ألف عام قل من لم يسمع به، أو يقرأ طرفا منه، أو يعتمد عليه في شيء مما يتصل بالتاريخ والحضارة. أنفق فيه مؤلفه نصف قرن من الزمان، حتى خرج على الصورة التي هو عليها الآن، وهو كتاب -كما وصفه الفقيه ابن العربي-: جليل القدر، كثير العلم، لم يؤلف مثله قط. وقد يختلف الناس حول ما حواه من أخبار وروايات، لكنهم لا يختلفون حول قيمته باعتباره المصدر الأول لمن يكتبون عن الأدب العربي في عصوره المتقدمة.
النشأة والتعليم
ينتهي نسب أبي الفرج الأصفهاني إلى مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية. ولد سنة (284هـ = 897م) ولا يعرف على وجه اليقين موضع ولادته، فقالوا إنه أصفهاني المولد استنادا إلى لقبه الذي عُرف به واشتهر، وقالوا إنه بغدادي المنشأ والمسكن، ولعل أجداده كانوا يعيشون في أصفهان بعد سقوط دولتهم، ثم نزح أحفادهم إلى بغداد وأقاموا بها.
وكان جده محمد بن أحمد الأصفهاني من كبار رجالات سامراء وعلى صلة متينة بوزرائها وأدبائها وكتابها، وكان أبوه الحسين بن محمد يقطن بغداد، ويحرص على طلب العلم والثقافة الشائعة في عصره، وكذلك كان عمه الحسن بن محمد من كبار الكتاب في عصر المتوكل. وروى عنه أبو الفرج كثيرا في كتابه الأغاني، وهو الذي تولى تربيته وتثقيفه.
أما نسب أبي الفرج من ناحية أمه فهو ينتسب إلى آل ثوابة المعروفين في عصرهم بالكتابة والأدب والشعر. وذكر ابن النديم عددا منهم في كتابه الفهرست. وفي هذا الجو المُعبَّق بعطر العلم وأريج الثقافة نشأ أبو الفرج الأصفهاني وتعلم، ثم تطلعت همته إلى مصادر أخرى للمعرفة، فولّى وجهه شطر الكوفة في فترة مبكرة من حياته، وأخذ الحديث والتاريخ واللغة عن شيوخها الكبار من أمثال: مطين بن أيوب، والحسين بن الطيب الشجاعي، ومحمد بن الحسين الكندي مؤدبه في الكوفة… وغيرهم، ثم رجع إلى بغداد وبدأ حياة علمية جادة، وأظهر جلدا وشغفا بالعلم، واتصل بأعداد هائلة من شيوخ بغداد وعلمائها الذين كانت تمتلسنة (300هـ = 912م) وكان أديبا ناقدا عالما بالغناء والموسيقى، وأبو عبد الله اليزيدي المتوفى سنة (310هـ = 922م) وكان إماما في النحو والأدب، ومحمد بن جرير الطبري الإمام المؤرخ المفسر الفقيه المتوفى سنة (310هـ = 922م) وعنه روى أبو فرج الأصفهاني معظم أخبار العرب القديمة ومغازي الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأشعارا لشعراء الدعوة الإسلامية.
ولازم أيضا عددا من كبار أئمة اللغة مثل: علي بن سليمان الأخفش، المتوفى سنة (315هـ = 927م) وأبي بكر الأنباري، المتوفى سنة (328هـ = 939م) وابن دريد العالم اللغوي الفذ، المتوفى سنة (321هـ = 933م) وأبي بكر الصولي، المتوفى سنة (335هـ = 946م) وصاحب كتابيْ: "الأوراق"، و"أدب الكاتب".
في موكب العلم والتدريس
وبعد هذا التحصيل العلمي الجاد والإصرار على الدرس جلس للتدريس في نحو سنة (313هـ = 925م)، وكان قد انتهى من كتابة أول مؤلفاته "مقاتل الطالبيين" فجلس لإملائه على تلاميذه الذين اتصلوا به ولازموه، بعد أن ذاعت شهرته، وقصد حلقاته عدد كبير من المحدثين والأدباء والشعراء. ومن تلاميذه المعروفين الإمام الدارقطني، وأبو زكريا يحيى بن مالك الأندلسي، وعلي بن دينار، ومحمد بن أحمد المغربي راوية المتنبي، وأبو علي الحسن بن علي بن محمد التنوخي.
واتصل أبو الفرج بالحسن بن محمد المهلبي وزير معز الدولة البويهي، وكانت له به صلة قبل أن يتولى الوزارة، فلازمه 13 سنة حتى توفي المهلبي في سنة (352هـ = 963م)، وكان الوزير يوالي أبا الفرج بصلاته، ويقربه إليه، ويجعله من ندمائه المقربين، وكان للوزير مجلس مشهور يؤمه كبار الشعراء والكتاب من أمثال أبي القاسم التنوخي، وأبي إسحاق الصابئ، وأبي العلاء صاعد خليفة، والشاعر الكبير أبي الطيب المتنبي. وكان أبو الفرج رأس هذا المجلس، ونديم صاحبه، كثير المدح له، وكان من ثمرات هذه العلاقة آثار كثيرة في مؤلفات أبي الفرج وأشعاره.
وتذكر المصادر التاريخية أن لأبي فرج صلات بملوك الأندلس من بني أمية، يؤلف لهم الكتب ويرسلها لهم فيصلونه بجوائز كبيرة. وأما صلته بسيف الدولة فليس في أخباره ما يوضح حقيقتها، ويلقي الضوء عليها سوى أنه أهداه كتاب الأغاني فأعطاه عليه ألف دينار.
شخصيته
رسمت كتب المعاصرين له صورة ذات ألوان قاتمة وظلال شاحبة فهو لا يعتني بمظهره، يبدو دائما متسخ الثياب، قذرا في شكله وفعله، بعيدا عن مظاهر السلوك الحميد والتصرف الأنيق الذي يتصف به دائما من ينادم الملوك والأمراء.
وأيا ما كان الرأي حول هذه الصفات ومدى مبالغتها في رسم هذه الصورة السيئة، فإن هناك إجماعا من المؤرخين على سعة علمه، وكثرة محفوظه، وجودة شعره، وكثرة تأليفه، وأضافوا إلى ذلك أنه كانت له رحمة وألفة بصنوف الحيوان، يأنس بصحبتها، ويعالجها إذا أصابتها العلة، ويأسى لموتها، وقد أُثرت عنه أبيات رقيقة في رثاء ديك له مات، جاء فيها:
أبكي إذا أبصرت ربعك موحشـا
بتحنن وتأسف وشهـــيق
ويزيدني جزعا لفقدك صــادح
في منزل دان إليَّ لصـيق
فتأسفي أبدا عليك مواصـــل
بسواد ليل أو بياض شروقألف أبو الفرج الأصفهاني أكثر من 30 كتابا، لم تسلم كلها من عوادي الزمن، ووصل إلينا منها: "الإماء الشواعر"، و"مقاتل الطالبيين" وتناول فيه سيرة أكثر من 200 من قتلى ئ بهم مساجدها، وحسبك أن يكون من شيوخه: يحيى بن علي المنجّم، المتوفى الطالبيين وشهدائهم منذ زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الوقت الذي انتهى فيه من تأليفه سنة (313هـ = 925م)، وكانت شخصية علي بن أبي طالب هي أهم شخصية تناولها بالترجمة، فأفرد لها صفحات كثيرة، ثم تتابعت شخصيات العلويين لتشمل الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب وغيرهما من آل البيت.
كتاب الأغاني
رسوم من كتاب الأغاني
غير أن أهم كتبه هو "الأغاني" الذي نال شهرة واسعة وصِيتا ذائعا لم ينله كتاب في الأدب العربي منذ أن ظهر للناس في القرن الرابع الهجري حتى يومنا هذا، ووصفه ابن خلدون بأنه "ديوان العرب، وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل فن…".
ويذكر لنا أبو الفرج الباعث على تأليف كتابه في مقدمته، فيقول: "والذي بعثني على تأليفه أن رئيسا من رؤسائنا كلفني جمعه له، وعرفني أنه بلغه أن الكتاب المنسوب إلى إسحاق الموصلي في الغناء مدفوع أن يكون من تأليفه، وهو مع ذلك قليل الفائدة، وأنه شاك في صحته…" وموضوع الكتاب هو الغناء، ألفه ليكون بديلا عن الكتاب المنسوب إلى إسحاق الموصلي، ولذلك صدَّر كتابه بذكر "المائة صوت المختارة للرشيد الذي أمر إبراهيم الموصلي، وإسماعيل بن جامع وفليح بن العوراء باختيارها له من الغناء، ثم رفعت إلى الواثق بالله ، فأمر إسحاق بن إبراهيم أن يختار له منها ما رأى أنه أفضل مما كان اختير متقدما…".
وكان أبو الفرج يبدأ بذكر الصوت الذي اختاره والشعر المتعلق به، ثم يستطرد إلى ذكر أشعار أخرى قيلت في المعنى نفسه، وتغني بها، ثم يتناول المناسبة التي قيلت فيها هذه الأشعار، وقد تكون المناسبة اجتماعية أو سياسية فيبين ذلك، وهو في أثناء ذلك يتعرض لذكر الإنسان وأخبار القبائل، وقصص وأشعار وملح، فيقف القارئ على ألوان مختلفة من الحياة، وعادات متفرقة في بيئات مختلفة، وطرائق الحياة في البادية والقصور من لهو وتسلية فراغ.
ولم يلتزم أبو الفرج في اختيار الأصوات التي ذكرها بالترتيب الزمني للشعراء والمغنين، وإنما رتبها حسب الأصوات المائة التي اختارها المغنون الثلاثة للرشيد، وقد حوى كتاب الأغاني تراجم لزهاء 300 شاعر وقرابة 60 من المغنيين والمغنيات.
ومعظم من ترجم لهم كانوا من شعراء الجاهلية والإسلام، ولم يلتزم في أخبارهم ترتيبا تاريخيا، وإنما ينثر ما انتهى إليه من أخبار الشاعر حينما اتفق. واتبع طريقة المحدّثين في إسناد كل خبر إلى رواته.
وقد أنفق أبو الفرج في تأليف كتابه 50 سنة، واعتمد في كتابته على مصادر متعددة بعضها شفوية استمدها من أفواه الرواة والأدباء والمجالس الأدبية التي كان يحرص على حضورها، وبعضها أخذها من الكتب التي تعنى بالشعر والغناء، وهو إن أغفل ذكر اسم الكتاب لا يهمل اسم المؤلف لأهمية ذلك في الثقة بالخبر وتقويمه.
وعلى الرغم من أهمية الكتاب التي لا يختلف عليها الباحثون في التاريخ والحضارة، فقد وجه للكتاب عدد من المآخذ، وإن كانت لا تقلل من شأن الكتاب، لكنها تبصر القارئ بأن الكتاب ليس مصدرا للتاريخ يُعتمد عليه وحده، وأنه يصور جانبا من حياة بعض الناس لا حياة الأمة كلها، ومن تلك المآخذ أنه ركز على تصوير الحياة اللاهية في المجتمع البغدادي، وأبرز الجوانب الضعيفة في حياة بعض أفراده من خلفاء وقادة وشعراء، واختزل حياتهم في جانب المجون والخلاعة، وأغفل ما كان منها جادًّا ورزينا، حتى يكاد القارئ يتصور أن بغداد -مدينة العلم وكعبة الثقافة- كانت مركزا للمجَّان والخلعاء لا مركزا للثقافة الجادة وحلقات العلم التي كانت تمتلئ بها مساجدها.مختصرات الأغاني
نظرا لضخامة كتاب الأغاني وأهميته في الوقت نفسه فقد عمد كثير من العلماء لاختصاره بمناهج مختلفة ليسهل تداوله ويعم الانتفاع به، ومن أشهر تلك المختصرات:
- "تجريد الأغاني من المثالث والمثاني" لـ"جمال الدين محمد بن سالم" المعروف بابن واصل الحموي المتوفى سنة (697هـ = 1297م) جرَّد الكتاب من الأسانيد والأصوات، وكل ما يتصل بفن الغناء، واقتصر على الأخبار والتراجم الأدبية. وقد نُشر الكتاب بالقاهرة سنة (1374هـ = 1955م) بتحقيق طه حسين وإبراهيم الإبياري.
- "مختار الأغاني في الأخبار والتهاني" لـ"ابن منظور المصري" صاحب لسان العرب، والمتوفى سنة (711هـ = 1311م) ورتبه على حروف الهجاء، وأضاف إليه ترجمة واسعة لأبي نواس، التي أغفلها أبو الفرج في كتابه، ونشر الكتاب محققا في القاهرة في 8 أجزاء سنة (1385هـ = 1966م).
وفي العصر الحديث صنع المؤرخ المعروف "محمد الخضري" المتوفى سنة 1345هـ = 1927م) مختصرا للأغاني، سماه تهذيب الأغاني،حذف منه الأسانيد وما فيه فحش من الأشعار والأخبار، وجعله في قسمين: الأول للشعراء، والثاني للمغنين، ورتب الشعراء حسب العصور ونشره في 7 أجزاء سنة (1343هـ = 1925م). كما قام الدكتور إحسان النص بعمل "اختيارات من كتاب الأغاني" ونشر كتابه في 6 أجزاء، وفصل فيه بين الشعراء والمغنين، ورتبهم حسب العصور.
وقد طبع كتاب الأغاني طبعات متعددة، فطبع كاملا لأول مرة بمطبعة بولاق بالقاهرة سنة (1305هـ = 1868م)، ثم توالت طبعاته بعد ذلك، حتى قامت دار الكتب المصرية بطبعة محققا على أسس علمية، فصدر الجزء الأول سنة (1343هـ = 1925م)، وكان ذلك استجابة لرغبة أحد الوجهاء المثقفين المصريين، فقد رغَّب الدار أن تطبع الكتاب على نفقته، ثم توالت أجزاء الكتاب حتى بلغت 24 مجلدا، وهي تعد أوفى الطبعات وأكملها تحقيقا.
وفاته
وبعد حياة عريضة من العمل والتأليف، وذيوع الشهرة والصيت بسبب كتابه الأغاني، توفي أبو الفرج الأصفهاني في بغداد (14 من ذي الحجة 356هـ = 20 من نوفمبر 967م).
من مصادر الدراسة:
· أبو الفرج الأصفهاني: كتاب الأغاني - تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وآخرين - الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر - القاهرة - 1390هـ = 1970م.
· الطاهر أحمد مكي: دراسة في مصادر الأدب - دار المعارف - القاهرة - 1977م.
· محمد عبد الجواد الأصمعي: الأصفهاني وكتابه الأغاني - دار المعارف - القاهرة - 1950م.
· محمد أحمد خلف الله: صاحب الأغاني أبو الفرج الأصفهاني في الرواية - مكتبة نهضة مصر - القاهرة - 1953م. محمد خير الشيخ موسى: أبو الفرج الأصفهاني أديب مشهور مغمور - عالم الفكر - الكويت - السنة الخامسة - العدد الأول - 1984م.
النشأة والتعليم
ينتهي نسب أبي الفرج الأصفهاني إلى مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية. ولد سنة (284هـ = 897م) ولا يعرف على وجه اليقين موضع ولادته، فقالوا إنه أصفهاني المولد استنادا إلى لقبه الذي عُرف به واشتهر، وقالوا إنه بغدادي المنشأ والمسكن، ولعل أجداده كانوا يعيشون في أصفهان بعد سقوط دولتهم، ثم نزح أحفادهم إلى بغداد وأقاموا بها.
وكان جده محمد بن أحمد الأصفهاني من كبار رجالات سامراء وعلى صلة متينة بوزرائها وأدبائها وكتابها، وكان أبوه الحسين بن محمد يقطن بغداد، ويحرص على طلب العلم والثقافة الشائعة في عصره، وكذلك كان عمه الحسن بن محمد من كبار الكتاب في عصر المتوكل. وروى عنه أبو الفرج كثيرا في كتابه الأغاني، وهو الذي تولى تربيته وتثقيفه.
أما نسب أبي الفرج من ناحية أمه فهو ينتسب إلى آل ثوابة المعروفين في عصرهم بالكتابة والأدب والشعر. وذكر ابن النديم عددا منهم في كتابه الفهرست. وفي هذا الجو المُعبَّق بعطر العلم وأريج الثقافة نشأ أبو الفرج الأصفهاني وتعلم، ثم تطلعت همته إلى مصادر أخرى للمعرفة، فولّى وجهه شطر الكوفة في فترة مبكرة من حياته، وأخذ الحديث والتاريخ واللغة عن شيوخها الكبار من أمثال: مطين بن أيوب، والحسين بن الطيب الشجاعي، ومحمد بن الحسين الكندي مؤدبه في الكوفة… وغيرهم، ثم رجع إلى بغداد وبدأ حياة علمية جادة، وأظهر جلدا وشغفا بالعلم، واتصل بأعداد هائلة من شيوخ بغداد وعلمائها الذين كانت تمتلسنة (300هـ = 912م) وكان أديبا ناقدا عالما بالغناء والموسيقى، وأبو عبد الله اليزيدي المتوفى سنة (310هـ = 922م) وكان إماما في النحو والأدب، ومحمد بن جرير الطبري الإمام المؤرخ المفسر الفقيه المتوفى سنة (310هـ = 922م) وعنه روى أبو فرج الأصفهاني معظم أخبار العرب القديمة ومغازي الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأشعارا لشعراء الدعوة الإسلامية.
ولازم أيضا عددا من كبار أئمة اللغة مثل: علي بن سليمان الأخفش، المتوفى سنة (315هـ = 927م) وأبي بكر الأنباري، المتوفى سنة (328هـ = 939م) وابن دريد العالم اللغوي الفذ، المتوفى سنة (321هـ = 933م) وأبي بكر الصولي، المتوفى سنة (335هـ = 946م) وصاحب كتابيْ: "الأوراق"، و"أدب الكاتب".
في موكب العلم والتدريس
وبعد هذا التحصيل العلمي الجاد والإصرار على الدرس جلس للتدريس في نحو سنة (313هـ = 925م)، وكان قد انتهى من كتابة أول مؤلفاته "مقاتل الطالبيين" فجلس لإملائه على تلاميذه الذين اتصلوا به ولازموه، بعد أن ذاعت شهرته، وقصد حلقاته عدد كبير من المحدثين والأدباء والشعراء. ومن تلاميذه المعروفين الإمام الدارقطني، وأبو زكريا يحيى بن مالك الأندلسي، وعلي بن دينار، ومحمد بن أحمد المغربي راوية المتنبي، وأبو علي الحسن بن علي بن محمد التنوخي.
واتصل أبو الفرج بالحسن بن محمد المهلبي وزير معز الدولة البويهي، وكانت له به صلة قبل أن يتولى الوزارة، فلازمه 13 سنة حتى توفي المهلبي في سنة (352هـ = 963م)، وكان الوزير يوالي أبا الفرج بصلاته، ويقربه إليه، ويجعله من ندمائه المقربين، وكان للوزير مجلس مشهور يؤمه كبار الشعراء والكتاب من أمثال أبي القاسم التنوخي، وأبي إسحاق الصابئ، وأبي العلاء صاعد خليفة، والشاعر الكبير أبي الطيب المتنبي. وكان أبو الفرج رأس هذا المجلس، ونديم صاحبه، كثير المدح له، وكان من ثمرات هذه العلاقة آثار كثيرة في مؤلفات أبي الفرج وأشعاره.
وتذكر المصادر التاريخية أن لأبي فرج صلات بملوك الأندلس من بني أمية، يؤلف لهم الكتب ويرسلها لهم فيصلونه بجوائز كبيرة. وأما صلته بسيف الدولة فليس في أخباره ما يوضح حقيقتها، ويلقي الضوء عليها سوى أنه أهداه كتاب الأغاني فأعطاه عليه ألف دينار.
شخصيته
رسمت كتب المعاصرين له صورة ذات ألوان قاتمة وظلال شاحبة فهو لا يعتني بمظهره، يبدو دائما متسخ الثياب، قذرا في شكله وفعله، بعيدا عن مظاهر السلوك الحميد والتصرف الأنيق الذي يتصف به دائما من ينادم الملوك والأمراء.
وأيا ما كان الرأي حول هذه الصفات ومدى مبالغتها في رسم هذه الصورة السيئة، فإن هناك إجماعا من المؤرخين على سعة علمه، وكثرة محفوظه، وجودة شعره، وكثرة تأليفه، وأضافوا إلى ذلك أنه كانت له رحمة وألفة بصنوف الحيوان، يأنس بصحبتها، ويعالجها إذا أصابتها العلة، ويأسى لموتها، وقد أُثرت عنه أبيات رقيقة في رثاء ديك له مات، جاء فيها:
أبكي إذا أبصرت ربعك موحشـا
بتحنن وتأسف وشهـــيق
ويزيدني جزعا لفقدك صــادح
في منزل دان إليَّ لصـيق
فتأسفي أبدا عليك مواصـــل
بسواد ليل أو بياض شروقألف أبو الفرج الأصفهاني أكثر من 30 كتابا، لم تسلم كلها من عوادي الزمن، ووصل إلينا منها: "الإماء الشواعر"، و"مقاتل الطالبيين" وتناول فيه سيرة أكثر من 200 من قتلى ئ بهم مساجدها، وحسبك أن يكون من شيوخه: يحيى بن علي المنجّم، المتوفى الطالبيين وشهدائهم منذ زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الوقت الذي انتهى فيه من تأليفه سنة (313هـ = 925م)، وكانت شخصية علي بن أبي طالب هي أهم شخصية تناولها بالترجمة، فأفرد لها صفحات كثيرة، ثم تتابعت شخصيات العلويين لتشمل الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب وغيرهما من آل البيت.
كتاب الأغاني
رسوم من كتاب الأغاني
غير أن أهم كتبه هو "الأغاني" الذي نال شهرة واسعة وصِيتا ذائعا لم ينله كتاب في الأدب العربي منذ أن ظهر للناس في القرن الرابع الهجري حتى يومنا هذا، ووصفه ابن خلدون بأنه "ديوان العرب، وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل فن…".
ويذكر لنا أبو الفرج الباعث على تأليف كتابه في مقدمته، فيقول: "والذي بعثني على تأليفه أن رئيسا من رؤسائنا كلفني جمعه له، وعرفني أنه بلغه أن الكتاب المنسوب إلى إسحاق الموصلي في الغناء مدفوع أن يكون من تأليفه، وهو مع ذلك قليل الفائدة، وأنه شاك في صحته…" وموضوع الكتاب هو الغناء، ألفه ليكون بديلا عن الكتاب المنسوب إلى إسحاق الموصلي، ولذلك صدَّر كتابه بذكر "المائة صوت المختارة للرشيد الذي أمر إبراهيم الموصلي، وإسماعيل بن جامع وفليح بن العوراء باختيارها له من الغناء، ثم رفعت إلى الواثق بالله ، فأمر إسحاق بن إبراهيم أن يختار له منها ما رأى أنه أفضل مما كان اختير متقدما…".
وكان أبو الفرج يبدأ بذكر الصوت الذي اختاره والشعر المتعلق به، ثم يستطرد إلى ذكر أشعار أخرى قيلت في المعنى نفسه، وتغني بها، ثم يتناول المناسبة التي قيلت فيها هذه الأشعار، وقد تكون المناسبة اجتماعية أو سياسية فيبين ذلك، وهو في أثناء ذلك يتعرض لذكر الإنسان وأخبار القبائل، وقصص وأشعار وملح، فيقف القارئ على ألوان مختلفة من الحياة، وعادات متفرقة في بيئات مختلفة، وطرائق الحياة في البادية والقصور من لهو وتسلية فراغ.
ولم يلتزم أبو الفرج في اختيار الأصوات التي ذكرها بالترتيب الزمني للشعراء والمغنين، وإنما رتبها حسب الأصوات المائة التي اختارها المغنون الثلاثة للرشيد، وقد حوى كتاب الأغاني تراجم لزهاء 300 شاعر وقرابة 60 من المغنيين والمغنيات.
ومعظم من ترجم لهم كانوا من شعراء الجاهلية والإسلام، ولم يلتزم في أخبارهم ترتيبا تاريخيا، وإنما ينثر ما انتهى إليه من أخبار الشاعر حينما اتفق. واتبع طريقة المحدّثين في إسناد كل خبر إلى رواته.
وقد أنفق أبو الفرج في تأليف كتابه 50 سنة، واعتمد في كتابته على مصادر متعددة بعضها شفوية استمدها من أفواه الرواة والأدباء والمجالس الأدبية التي كان يحرص على حضورها، وبعضها أخذها من الكتب التي تعنى بالشعر والغناء، وهو إن أغفل ذكر اسم الكتاب لا يهمل اسم المؤلف لأهمية ذلك في الثقة بالخبر وتقويمه.
وعلى الرغم من أهمية الكتاب التي لا يختلف عليها الباحثون في التاريخ والحضارة، فقد وجه للكتاب عدد من المآخذ، وإن كانت لا تقلل من شأن الكتاب، لكنها تبصر القارئ بأن الكتاب ليس مصدرا للتاريخ يُعتمد عليه وحده، وأنه يصور جانبا من حياة بعض الناس لا حياة الأمة كلها، ومن تلك المآخذ أنه ركز على تصوير الحياة اللاهية في المجتمع البغدادي، وأبرز الجوانب الضعيفة في حياة بعض أفراده من خلفاء وقادة وشعراء، واختزل حياتهم في جانب المجون والخلاعة، وأغفل ما كان منها جادًّا ورزينا، حتى يكاد القارئ يتصور أن بغداد -مدينة العلم وكعبة الثقافة- كانت مركزا للمجَّان والخلعاء لا مركزا للثقافة الجادة وحلقات العلم التي كانت تمتلئ بها مساجدها.مختصرات الأغاني
نظرا لضخامة كتاب الأغاني وأهميته في الوقت نفسه فقد عمد كثير من العلماء لاختصاره بمناهج مختلفة ليسهل تداوله ويعم الانتفاع به، ومن أشهر تلك المختصرات:
- "تجريد الأغاني من المثالث والمثاني" لـ"جمال الدين محمد بن سالم" المعروف بابن واصل الحموي المتوفى سنة (697هـ = 1297م) جرَّد الكتاب من الأسانيد والأصوات، وكل ما يتصل بفن الغناء، واقتصر على الأخبار والتراجم الأدبية. وقد نُشر الكتاب بالقاهرة سنة (1374هـ = 1955م) بتحقيق طه حسين وإبراهيم الإبياري.
- "مختار الأغاني في الأخبار والتهاني" لـ"ابن منظور المصري" صاحب لسان العرب، والمتوفى سنة (711هـ = 1311م) ورتبه على حروف الهجاء، وأضاف إليه ترجمة واسعة لأبي نواس، التي أغفلها أبو الفرج في كتابه، ونشر الكتاب محققا في القاهرة في 8 أجزاء سنة (1385هـ = 1966م).
وفي العصر الحديث صنع المؤرخ المعروف "محمد الخضري" المتوفى سنة 1345هـ = 1927م) مختصرا للأغاني، سماه تهذيب الأغاني،حذف منه الأسانيد وما فيه فحش من الأشعار والأخبار، وجعله في قسمين: الأول للشعراء، والثاني للمغنين، ورتب الشعراء حسب العصور ونشره في 7 أجزاء سنة (1343هـ = 1925م). كما قام الدكتور إحسان النص بعمل "اختيارات من كتاب الأغاني" ونشر كتابه في 6 أجزاء، وفصل فيه بين الشعراء والمغنين، ورتبهم حسب العصور.
وقد طبع كتاب الأغاني طبعات متعددة، فطبع كاملا لأول مرة بمطبعة بولاق بالقاهرة سنة (1305هـ = 1868م)، ثم توالت طبعاته بعد ذلك، حتى قامت دار الكتب المصرية بطبعة محققا على أسس علمية، فصدر الجزء الأول سنة (1343هـ = 1925م)، وكان ذلك استجابة لرغبة أحد الوجهاء المثقفين المصريين، فقد رغَّب الدار أن تطبع الكتاب على نفقته، ثم توالت أجزاء الكتاب حتى بلغت 24 مجلدا، وهي تعد أوفى الطبعات وأكملها تحقيقا.
وفاته
وبعد حياة عريضة من العمل والتأليف، وذيوع الشهرة والصيت بسبب كتابه الأغاني، توفي أبو الفرج الأصفهاني في بغداد (14 من ذي الحجة 356هـ = 20 من نوفمبر 967م).
من مصادر الدراسة:
· أبو الفرج الأصفهاني: كتاب الأغاني - تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وآخرين - الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر - القاهرة - 1390هـ = 1970م.
· الطاهر أحمد مكي: دراسة في مصادر الأدب - دار المعارف - القاهرة - 1977م.
· محمد عبد الجواد الأصمعي: الأصفهاني وكتابه الأغاني - دار المعارف - القاهرة - 1950م.
· محمد أحمد خلف الله: صاحب الأغاني أبو الفرج الأصفهاني في الرواية - مكتبة نهضة مصر - القاهرة - 1953م. محمد خير الشيخ موسى: أبو الفرج الأصفهاني أديب مشهور مغمور - عالم الفكر - الكويت - السنة الخامسة - العدد الأول - 1984م.
"المفضليات"
تعتبر "المفضليات" أقدم مجموعة شعرية صنعت في اختيار الشعر العربي، وقد عرفت بهذا الاسم، نسبة إلى صانع اختيارها المفضل الضبي، وهو أحد علماء الشعر الكبار ورواته ورأس علماء الكوفة في عصره والذي كانت وفاته في حدود السنة 168هـ، بحسب تأريخ الحافظ الذهبي والحافظ ابن الجزري، أو في حدود السنة 171هـ، بحسب تأريخ ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة. ولم نعرف أن أحداً قبل هذا العالم كان قد اختار شيئاً من الشعر وجعله في مجموعة مستقلة، إلا ما ذكر من أمر المعلقات التي كثر الحديث عنها في كتب الباحثين والدارسين القدماء منهم والمحدثين.
والمفضل الضبي صانع هذا الاختيار المعروف بالمفضليات، هو محمد بن يعلي بن عامر بن سالم الضبي الكوفي اللغوين الذي "كان علامة، راوية للأخبار والآداب وأيام العرب، موثقاً في روايته، وكان أحد القراء الذين أخذوا عن عاصم. وقد روى عنه أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء وعلي بن حمزة الكسائي وابن الأعرابي.
وقد شكلت "المفضليات" فتحاً هاماً في باب تصنيف كتب الاختيار، إذ لم تلبث أن ظهرت بعدها مجموعة "الأصمعيات" لأبي سعيد، عبد الملك بن قريب الأصمعي، كما ظهرت حماسة أبي تمام وحماسة البحتري ومختارات شعراء العرب لأبي السعادات ابن الشجري.
ويبدو أن ديوان المفضليات يحوي على مائة وست وعشرين قصيدة، لسبعة وستين شاعراً، منهم ستة شعراء من العصر الإسلامي، وأربعة عشر مخضرمون، والباقون وهم سبعة وأربعون شاعراً من العصر الجاهلي.
ولا شك أن "المفضليات" هي من أهم المجموعات الشعرية في التراث الأدبي عند العرب والمسلمين، ومن أوثق مدوناتهم الشعرية والأدبية، وأغناها لغة وعلماً، خصوصاً وقد صنفت وضبرت لتعليم وتأديب ولي عهد الخليفة أبي جعفر المنصور في العصر العباسي. فقد وجد العلماء والشيوخ الأجلاء في ذلك العصر حاجة ماسة للوقوف على اللغة العربية في مظانها، فكانت مبادرة المفضل الضبي الرائدة في صنع هذا الاختيار الذي عرف بالمفضليات.
والكتاب الذي بين يدينا يقدم ديوان المفضليات محققاً حيث اهتم المحقق بتذييل النص الشعري بتحقيق لطيف سعى لتوضيح معاني بعض المفردات وللكشف عن معانيها المستورة خلف حجاب المتن الشعري.
والمفضل الضبي صانع هذا الاختيار المعروف بالمفضليات، هو محمد بن يعلي بن عامر بن سالم الضبي الكوفي اللغوين الذي "كان علامة، راوية للأخبار والآداب وأيام العرب، موثقاً في روايته، وكان أحد القراء الذين أخذوا عن عاصم. وقد روى عنه أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء وعلي بن حمزة الكسائي وابن الأعرابي.
وقد شكلت "المفضليات" فتحاً هاماً في باب تصنيف كتب الاختيار، إذ لم تلبث أن ظهرت بعدها مجموعة "الأصمعيات" لأبي سعيد، عبد الملك بن قريب الأصمعي، كما ظهرت حماسة أبي تمام وحماسة البحتري ومختارات شعراء العرب لأبي السعادات ابن الشجري.
ويبدو أن ديوان المفضليات يحوي على مائة وست وعشرين قصيدة، لسبعة وستين شاعراً، منهم ستة شعراء من العصر الإسلامي، وأربعة عشر مخضرمون، والباقون وهم سبعة وأربعون شاعراً من العصر الجاهلي.
ولا شك أن "المفضليات" هي من أهم المجموعات الشعرية في التراث الأدبي عند العرب والمسلمين، ومن أوثق مدوناتهم الشعرية والأدبية، وأغناها لغة وعلماً، خصوصاً وقد صنفت وضبرت لتعليم وتأديب ولي عهد الخليفة أبي جعفر المنصور في العصر العباسي. فقد وجد العلماء والشيوخ الأجلاء في ذلك العصر حاجة ماسة للوقوف على اللغة العربية في مظانها، فكانت مبادرة المفضل الضبي الرائدة في صنع هذا الاختيار الذي عرف بالمفضليات.
والكتاب الذي بين يدينا يقدم ديوان المفضليات محققاً حيث اهتم المحقق بتذييل النص الشعري بتحقيق لطيف سعى لتوضيح معاني بعض المفردات وللكشف عن معانيها المستورة خلف حجاب المتن الشعري.
نبذة عن كتاب "ألفية ابن مالك" لمؤلفه محمد بن عبد الله بن مالك الأندلسي
يعد كتاب "ألفية ابن مالك" لمؤلفه محمد بن عبد الله بن مالك الأندلسي، من أشهر كتب اللغة العربية وأهمها؛ إذ يحتوي على قواعد اللغة العربية: نحوها، وصرفها، بأسلوب شعري يبلغ عدد أبياته ألف بيت وبيتين، الغاية من نظمها تسهيل حفظ قواعد اللغة العربية. وقد اختار ابن مالك مذهب البصريين نهجاً لألفيته التي هي في الأساس خلاصة "الكافية الشافية" التي أنشأها في ألفين وسبعمائة وسبعة وخمسين بيتاً من الرجز. وقد حاول محقق هذا الكتاب أن ييسر في هذه الطبعة التي بين أيدينا قواعد هذه الألفية الشعرية" كما وعني بتجزئتها وإرفاقها ببعض الإيضاحات والعناوين الجانبية التفصيلية لموضوعاتها المؤلفة من حوالي تسعة وسبعين موضوعاً.
الناشر:اللغة العربية در ظاهر ومكنون... وحتى نحافظ على هذا الدر، فإنه يتوجب علينا أن نحافظ على الصدفة التي تحتضن هذا الدر، وتفرزه، أي: نحافظ على قواعد اللغة العربية سليمة من أي خطأ أو لغو أو تشويه.
وكتاب الدليل إلى ألفية ابن مالك يحوي قواعد اللغة العربية نحوها، وصرفها، كما يحوي تبويباً مفصلاً لكل قاعدة نحوية وصرفية لمباحث الألفية التي بلغت الأربعة والسبعين مبحثاً.
"الدليل إلى ألفية ابن مالك" أسلوب شعري يسهل حفظ قواعد لغتنا العربية استحضار سريع ومكثف لقواعد لغتنا العربية
الناشر:اللغة العربية در ظاهر ومكنون... وحتى نحافظ على هذا الدر، فإنه يتوجب علينا أن نحافظ على الصدفة التي تحتضن هذا الدر، وتفرزه، أي: نحافظ على قواعد اللغة العربية سليمة من أي خطأ أو لغو أو تشويه.
وكتاب الدليل إلى ألفية ابن مالك يحوي قواعد اللغة العربية نحوها، وصرفها، كما يحوي تبويباً مفصلاً لكل قاعدة نحوية وصرفية لمباحث الألفية التي بلغت الأربعة والسبعين مبحثاً.
"الدليل إلى ألفية ابن مالك" أسلوب شعري يسهل حفظ قواعد لغتنا العربية استحضار سريع ومكثف لقواعد لغتنا العربية
نبذة عن الاقتراح في علم أصول النحو
:أصول النحو عالم يبحث فيه عن أدلة النحو الإجمالية من حيث هي أدلته وكيفيته الاستدلال بها وحال المستدل. وهذا الكتاب ألفه الإمام السيوطي في هذه الأصول أي أصول النحو وهو يقول بأنه استمد في كتابه هذا الكثير مما جاء في كتاب ابن جني "الخصائص"، حيث لخص منه جميع ما يتعلق بهذا المعنى فأوجز عبارة، وأرشقها، وأوضحها مفرداً إليه، ضاماً إليه نفائس أخر ظفر بها في متفرقات كتب اللغة والعربية والأدب وأصول الفقه، في الأبواب والفصول والتراجم، بالإضافة إلى ذلك وبعد وقوفه على كتابي الأنباري "لمع الأدلة" و"الأغراب في جدل الإعراب" وجد فيهما من القواعد المهمة والفوائد ما لم يسبق إليه أحد.
كان أول في معنى أصول النحو وفائدته والثاني في جدل الإعراب، أخذ في هذين الكتابين لإغناء ما جاء عنده في علم أصول النحو، هذا وإن السيوطي لم ينقل من كتب الأنباري حرفاً إلا مقروناً بالعزو إليه ليعرف مقام كتابه من كتاب الأنباري، ويتميز بالتالي الأول عن الثاني. قسم السيوطي كتابه سبعة أقسام، أو سبعة كتب. بالإضافة استهلال سماه "الكلام في المقدمات" بين فيه أصول النحو وحدوده، وحد اللغة، والألفاظ للمعاني والدلالات النحوية، إلى ما هنالك في هذا الباب وأما مواضيع الأقسام السبعة فقد جاءت على التوالي: في السماع، في الإجماع، في القياس، في أدلة شتى، في الإستصحاب، في التعارض والترجيح، وفي أحوال مستخرج هذا العلم ومستخرجه.
كان أول في معنى أصول النحو وفائدته والثاني في جدل الإعراب، أخذ في هذين الكتابين لإغناء ما جاء عنده في علم أصول النحو، هذا وإن السيوطي لم ينقل من كتب الأنباري حرفاً إلا مقروناً بالعزو إليه ليعرف مقام كتابه من كتاب الأنباري، ويتميز بالتالي الأول عن الثاني. قسم السيوطي كتابه سبعة أقسام، أو سبعة كتب. بالإضافة استهلال سماه "الكلام في المقدمات" بين فيه أصول النحو وحدوده، وحد اللغة، والألفاظ للمعاني والدلالات النحوية، إلى ما هنالك في هذا الباب وأما مواضيع الأقسام السبعة فقد جاءت على التوالي: في السماع، في الإجماع، في القياس، في أدلة شتى، في الإستصحاب، في التعارض والترجيح، وفي أحوال مستخرج هذا العلم ومستخرجه.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)