الجمعة، 13 يونيو 2008

"المفضليات"

تعتبر "المفضليات" أقدم مجموعة شعرية صنعت في اختيار الشعر العربي، وقد عرفت بهذا الاسم، نسبة إلى صانع اختيارها المفضل الضبي، وهو أحد علماء الشعر الكبار ورواته ورأس علماء الكوفة في عصره والذي كانت وفاته في حدود السنة 168هـ، بحسب تأريخ الحافظ الذهبي والحافظ ابن الجزري، أو في حدود السنة 171هـ، بحسب تأريخ ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة. ولم نعرف أن أحداً قبل هذا العالم كان قد اختار شيئاً من الشعر وجعله في مجموعة مستقلة، إلا ما ذكر من أمر المعلقات التي كثر الحديث عنها في كتب الباحثين والدارسين القدماء منهم والمحدثين.
والمفضل الضبي صانع هذا الاختيار المعروف بالمفضليات، هو محمد بن يعلي بن عامر بن سالم الضبي الكوفي اللغوين الذي "كان علامة، راوية للأخبار والآداب وأيام العرب، موثقاً في روايته، وكان أحد القراء الذين أخذوا عن عاصم. وقد روى عنه أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء وعلي بن حمزة الكسائي وابن الأعرابي.
وقد شكلت "المفضليات" فتحاً هاماً في باب تصنيف كتب الاختيار، إذ لم تلبث أن ظهرت بعدها مجموعة "الأصمعيات" لأبي سعيد، عبد الملك بن قريب الأصمعي، كما ظهرت حماسة أبي تمام وحماسة البحتري ومختارات شعراء العرب لأبي السعادات ابن الشجري.
ويبدو أن ديوان المفضليات يحوي على مائة وست وعشرين قصيدة، لسبعة وستين شاعراً، منهم ستة شعراء من العصر الإسلامي، وأربعة عشر مخضرمون، والباقون وهم سبعة وأربعون شاعراً من العصر الجاهلي.
ولا شك أن "المفضليات" هي من أهم المجموعات الشعرية في التراث الأدبي عند العرب والمسلمين، ومن أوثق مدوناتهم الشعرية والأدبية، وأغناها لغة وعلماً، خصوصاً وقد صنفت وضبرت لتعليم وتأديب ولي عهد الخليفة أبي جعفر المنصور في العصر العباسي. فقد وجد العلماء والشيوخ الأجلاء في ذلك العصر حاجة ماسة للوقوف على اللغة العربية في مظانها، فكانت مبادرة المفضل الضبي الرائدة في صنع هذا الاختيار الذي عرف بالمفضليات.
والكتاب الذي بين يدينا يقدم ديوان المفضليات محققاً حيث اهتم المحقق بتذييل النص الشعري بتحقيق لطيف سعى لتوضيح معاني بعض المفردات وللكشف عن معانيها المستورة خلف حجاب المتن الشعري.

ليست هناك تعليقات: